لم يكن مقتل (قمر الدولة علوان) بالأمر الهين على وكيل النيابة، فالأمر فى النهاية "قتل نفس"...و إن لم يكن قتل نفس، فيكفيه أن تكون المتهمة هى (ريم) تلك التى سحرته ببراءة جمالها. استدعى وكيل النيابة الطبيب الشرعى من البندر علّه يستطيع الكشف عن مقتل (قمر الدولة) بعد تشريح الجثة التى قد مر على دفنها أيام. بعد البحث و السؤال، وجدوا امرأة كانت قد حضرت الدفنة و تعلم - كما إدعت - أنها على يقين من مكان تُربة (قمر الدولة). "دى ست يا حمار"، هكذا عنف الطبيب الصبى الذى أتى بأول الجثث...و هكذا قد عنفه حين أتى بثانيهم إذ كانت لأنثى.
*****
و بعيداً عن كل تلك التفاصيل، بعيداً عن كل تلك...يسلط توفيق الحكيم على شاب برئ وضعته الظروف أن يكون قرب هؤلاء الذين عبث بهم الزمن و غير من إنسانيتهم. يتأفف الشاب، يستغفر ربه، فلن يكرهه مقامه كمساعد لوكيل النيابة أن يشهد هذه البشاعة و يشرعها فى حكم ضميره خالص البراءة. يقف وكيل النيابة و قد نهر الطبيب ذلك الشاب و أقصاه بعيداً، يقف وقفة الصحو مع ذاته، يتساءل...ألم تعد تلك الجثث تؤثر فيه كهذا الشاب، هل إعتاد الأمر حتى مات قلبه عن الإحساس، ألم يعد فى قلبه من المشاعر سوى تلك التى إختار أن تكون لجمال فتاة، و لم يعد من مشاعره شيئاً بريئاً ؟؟ تساءل حضرة وكيل النيابة، تُرى هل أصبح بلا مشاعر بحجة النضج ؟؟ هل أصابنا البرود و الجفاء بحجة الحرفية ؟؟
هناك تعليق واحد:
إرسال تعليق