الأربعاء، ٢٤ نوفمبر ٢٠١٠

أقباط ممسوخين


فى خطوة جديدة و تطور مذهل إشتعلت ثورة الغضب المقدس فى صدور الأقباط ليعلنوا عن موقفهم إزاء تعنت الدولة و إضطهادها لهم فراحوا يثورون و يملأون الدنيا ضجيجاً حتى ما تسمعهم كافة آذان السادة المسؤولين، السادة مرشحى المجلس بل و الشرق بأجمعه. جاء اليوم الذى سيعرف فيه العالم قيمة و مقام الأقلية التى لطالما استهانوا بها و سيحسبون لها ألف حساب. جاء اليوم الذى سيهتز فيه الحزب الوطنى إهتزازاً يجعله يخشى الأقباط و يخور امامهم كقطة تنونو. سيظل العالم يتذكر يوم الوقفة الباسلة لأهالى العمرانية بأحرف من نور حتى ينطبع بأذهان الجميع ما فى الأقباط من قوة و شجاعة و دفاع عن الحق و....و....و أنا و إنت.

على ما أظن، يذغرد اليوم أقباط المهجر إحتفالاً باليوم العظيم الذى انتظروه طويلا، بل و لعل الباشمهندس عدلى ابادير يرقص الآن فى تُربته لأن ثمرة جهاده قد نضجت بعد كفاح دام لسنوات. اليوم و قد انكشفت كثير من الأقنعة، عرفنا أن مفردات مثل "التدين الشكلى" و "الهوس الدينى" و "الإرهاب" لم يعودوا يختصون بالجماعة الإسلامية أو بمشايخ المتأسلمين بل اتسعت المفاهيم كى ما تضم إليها هؤلاء الأقباط (و الذين لم يظهر بعد إسماً لهم) الذين انطلقوا فى شوارع العمرانية و قطعوا الطرق ليعلنوا عن موقفهم...موقفهم الباطل.

منذ أسابيع كان بعضاً من رجال الكنيسة القبطية الأرثوذكسية يحاولون ردع الحكومة عن الإعتراف بطائفة جديدة تحت مسمى أنها طائفة غير وطنية و لا تعترف بالدولة. أنا لا أظن أن فى الكنيسة (الآن) الكثير ممن يؤمنون بالوطن، بسيادة القانون و بالسلام الإجتماعى. أنا لا أظن أيضاً أنه لا يزال بالأقباط (الغالب منهم) ما يجعلهم يختلفون كثيراً عن شركائهم فى مصر. هذا المشهد و الذى قد يتكرر كثيراً و بصور أسوأ، يعلن عن قيام تيار عدائى فى صفوف الأقباط فى مصر. لم يُعرف عن المسيحيين التظاهر للمطالبة بحقهم و لكنهم تظاهروا، داخل أسوار كنائسهم ثم انتقلوا إلى العباسية ثم شيئا فشيئاً تظاهروا فى شوارع المدينة. لم يُعرف عن الأقباط أن بدأوا بمعاداة الآخر و قد استعدوا الجميع مؤخراً، لم يُعرف عن الأقباط الدفاع عن باطل و قد دافعوا عنه، لم يُعرف عن الأقباط الموالسة للسلطة لكنهم أصبحوا موالسين و أخيراً لم يُعرف عن الأقباط التطرف المسلح و قريباً جداً ستشاهدوه!!

فى مشهد اليوم فى العمرانية، لا يصح أن تلوم هؤلاء. فما هؤلاء إلا كهؤلاء، أفعالهم لا تتسق مع معتقدهم، لا تتفق مع دينهم. إن أردنا تفسيراً، أظن أن النظام يأتى أولاً فى قائمة المتهمين لأنه دفع الجميع كى ينال حقه بدراعه، لأنه جعلنا نتخبط بدون سيادة حقيقية للقانون و للأحكام، و لأنه لم ينصف الكثيرين و حين يحكمك نظام غير عادل فأنت فى كل الأحوال مظلوم. ثانياً، يأتى فى قائمة المتهمين، القائمين على تعليم هذه الجموع...ففى ظل غياب الدولة و غياب دورها التعليمى و التثقيفى صارت الكنيسة هى ملجأنا الأول، نستوعب فيه كل مفاهيمنا. فى الواقع لم تفكر الكنيسة يوماً و هى تطعم أبناءها أن توعيهم على مفاهيم إحترام الدولة، إحترام الآخر و مشاركته، و إن كانت أحياناً تنقل لهم قيم الكنيسة الأصيلة، لم تستطع أن تترجم لهم هذه المفاهيم فى صورة أفعال حقيقية و ممارسات تتفق مع المجتمع المعاصر.

أخيراً، يأتى فى آخر المتهمين، كل من أحاط بالمسيحيين حتى انتزع منهم روحهم و دفعهم حتى آمنوا بعدم منطقية وصايا السيد، كحب الآخر و مصادقة الأعداء و تحمل الألم.

أعتقد أنه أحياناً علينا أن نُخطّئ أولى الأمر منا، حتى نفعل ما تمليه علينا ضمائرنا. لأنه حتى و لو فسد العالم و ما فيه، لن تفسد تلك الروح الطاهرة التى جعلها الله بداخلنا حتى ما تسوقنا إلى ما فيه إرضاء الله و إظهار صورته، و مشهد اليوم ليس فيه شيئاً...من المسيحية.

هناك ٣ تعليقات:

غير معرف يقول...

WELL SAID BGD ...

Gina يقول...

I agree archiee..It is really so bad (& sad at the same time) what we reached now LLASAF !

غير معرف يقول...

الممسوخ هو المنطق المعوج الذي كتبت به والرؤية أحادية الاتجاه. تغاضيت عن اخطاء مفزعة تؤرق أي ضمير حي وركزت على خطأ واحد ارتكبه الجانب المضطهد المطحون منذ مئات السنين. إذا لم تتمكن من مشاركتنا حزننا على شاب في عمر الزهور فـعلى الاقل احتفظ بكلماتك التي تقطر كراهية لنفسك حتى تجف دماء شهدائنا. رحمتك يارب.