المهم، حاولت عدة مرات أن أتكلم هنا عن شئ ما تعلمته أو شاهدته أو فرق ما جوهرى بين الناس "دى" و بيننا، لكن الجوهريات أصبحت لا تُحصى...و أنا ماكتبتش حاجة.
حاجة من هؤلاء، هى الفرق الجوهرى جداً و الشاسع جداً بين تركيبة الحوار بين شخصين، هنا - خارج بقعة الشرق الأوسط و شمال أفريقيا - و داخل البقعة أو داخل مصر المحروسة على وجه الخصوص.
هنا، حين ينطق الشخص بعبارة ما، تكون العبارة موجهة لهدف محدد. قاس هو حجم الهدف المنشود و فصّل عبارة مناسبة الحجم و العمق و التركيب لتصدر منه فتصيب هدفه. هم يتكلمون و ينمّون على آخرين، و يضحكون و يتبادلون الألفاظ الزبالة أحياناً كثيرة..الفرق، أن الحتى الزبالة فلها حجمها و توقيتها و مهمتها التى تصدر لأجله. هم أفضل كثيراً فى العلاقات الإنسانية، فالتحية لشخص آخر لا تقتضى بالضرورة أن تعرفه، يكفى أن تعبرا بعضكما فى ممر واحد فى مكان ما...يبتسمون للآخرين لمعرفتهم قيمة الإبتسامة. هم لا يهتمون بمدى شعبية الواحد منهم...أن يعرف 200 و الآخر يعرف 400...الأمر لا يقاس كذلك، و لذا فرغم مدى وسائل إتصالاتهم، لا يعمقون علاقاتهم مع الآخرين إلا من يجدى بناء العلاقة معه. عندهم يدرك الكثير منهم قيمة العلاقة بين شخص و آخر..أنها لم تكن يوما ما سبباً للزهو، و لا كانت مثلاً سد فراغ فى كمية الـcontacts. هى علاقة تبنى الطرفين و تشارك فى بناء مجتمع !!
عندنا !!
ركبت الأتوبيس العام "الألمانى"، طلاب و موظفين و يوم عادى يعنى. فوجدت رجلان يصعدان إليه. واحد ذو لحية قصيرة و يبدو عليه ملامح شرق أوسطية، و الآخر شرق آسيوى. لم يصمت الرجل الشرق أوسطى لحظة منذ أن ركبت سوياً حتى نزلا سوياً بعد أربع محطات، بينما كانت كل ردود الآخر هى إيماءات و ردود مقتضبة موافقاً على كل ما يقوله الآخر. يبدو أن الشرق أوسطى يحاول بناء صداقة ما مع الآسيوى، كلام كلام كلام، و هو عارف و الآخر عارف و أنا عارف أنه يتحدث لمجرد الحديث دون أن يريد فعلاً أن الآخر يعرف شيئاً عنه و الآخر يعرف أن ما يسمعه هو كلام فاضى لا يهمه و لا يهم المتحدث أن يقوله، هو حوار يخلو من الطرفين...إلى أن عبر إلى أذنى أنه يتحدث عن كثرة عدد السكان فى مدينته...القاهرة !!
الناس عندنا، و لا فرق بين ثرثار و آخر قليل الكلام، الجميع يتكلم بدون بناء حقيقى للجملة التى ينوى الإدلاء بها. هم فقط يتحدثون...تسأل عن صحة فلان و أنت لم تقصد ذلك السؤال و لا تهتم بالإجابة التالية. تتحدث عن موضوع لا علاقة لك به مع شخص لا تعرفه و لهدف غير مُحدد. الحوار عندنا حوار ممسوخ جداً. لذلك فوارد جداً أن تجد نفسك قد تحدثت مع "فلان" ساعتين و نسيت تسأله عن هدف المكالمة. زلات اللسان أكثر فى أحاديثنا...الأحاديث عندنا لا تبنى العلاقات الشخصية القوية، فقط لأن ذلك ليس من أهدافها المنشودة. هى أحاديث و حوارات تملأ فراغ ما. عندنا معرفة الناس كنوز...معرفة الناس التى قد تقتصر على الشكل أو الإسم...الناس عندنا - و أشك أن يوجد ذلك فى مكان آخر - يتفاخرون بعدد الأسماء التى قد ترد فى حديثه. و إن قد تطور الأمر، حيث سمعت مرة شخص ما يفتخر و يزهو جداً أنه حين يدخل إلى إحدى الكنائس، يأخذ نصف ساعة (سلامات بس !!). يعنى الإفتخار إمتد ليشمل مساحة الوقت التى تستغرقك للسلام على الناس.
عندنا، العلاقة الإنسانية بين طرفين أدنى بكثير من قيمتها...هى علاقة ممسوخة جداً و سطحية جداً و تُزيد الناس تفاهة على ما يملكون منها. هى - كما قال أحدهم - أناس يتحدثون و لا يتكلمون، و يسمعون و لا ينصتون.
هناك ٤ تعليقات:
:) :) :)
kont mestany 7aga zay keda men sa3et ma safert ya Archie :)
kol matla2y wa2t , ekteb 3an el forou2at el shayfha keda plzzz
i like awiii (",)
آخر ثلاث إضافات لك كان أولها .. حكاية قصة بعدما " خدت وقتها في الكلام" الثانية ثرثرة والأخيرة حوار حتى وإن كان ممسوخ ،بعدهم صمت طال !
يارب تكون بخير .. وحشنا كلامك
shayfa kalamak 3an nesba sat7eya mn el nas, msh moshkela 3amma.. bashouf aslan el 3elakat 3andena ya masreyin mn el 7agat el olayela el shatrin fiha..w mayenfa3sh kol 7ewar yeb2a hadafo 3elaka sha5seya 3amika! yenfa3 yeb2a lih ahdaf tania.. kwayesa bardo..
إرسال تعليق