الجمعة، ٤ فبراير ٢٠١١

رسالة

صديقى العزيز،

وطيت صوت التلفيزيون قليلاً كى ما أستطيع أن أكتب إليك، فالصور تكاد تكون متطابقة و الآراء تكاد تكون متطابقة الأشكال، متناقضة المضمون. صديقى العزيز، لقد وصلت إلى قناعة قد لا تكون مفيدة لك تماماً فى الوقت الحالى، لكن و لما لا تقرأ سطورى، أتراها أتفه مما يحدث حولك؟ لما لا تضيع بعضاً من وقتك هنا و قد أصبح غير ثمين بالمرة؟

أكتب حتى لا أفقد الأمل فى قدرتى على الكتابة، لا لكى أصنع شيئاً بالكلمات فما عادت الكلمات تقدر على هز القوالب المتجمدة داخلك و داخلى. أما سمعت عما يحدث من حولنا؟ لقد مرت بى أحداث أصعب مما يحدث من حولنا. أما ترى شعب ينهار من أمامك؟ لقد تحطم فى داخلى ما يجعلنى أشفق عليهم. لقد خرجت يا صديقى منذ سبعة أيام مضت أنادى بأن يسقط الفاسدين فإذ بى أرانى وسطهم، واحداً منهم. لقد اكتشفت أننى كنت متفائلاً أكثر مما يجب، فتخيلت أن الخير واقع، و أن الصدق وارد، و أن الطهر حقيقة، و أن الشرف موجود... فإذ بى أشعر و فى هذه اللحظة التى أحدثك فيها و مع كتابتى لتلك الكلمات، أشعر بأنى فى أشد لحظات العجز...أنا عاجز يا سيدى أن أنظر للأمور فأميز ما إذا كانت خير أو شر...أنا عاجز يا سيدى عن الفصل فى ماهية السلام. شعرت فى تلك الضيقة، بل أصبحت مؤمناً أننا تصورنا و ظللنا نوهم أنفسنا أننا قريبين جداً من صورة الكمال، بل دعونا آخرين كى يمتثلوا إلى ما نحن فيه فإذ بى أتجرد أمام عينى، فأجد أن الصدأ قد أكل منى الكثير و أنى أصبحت مسخاً. أما علمت ما حدث؟ لقد ثار الناس أمام الشر فاكتشفوا أن الشر فيهم...أياماً مرت و صاروا عاجزين عن إقصاء الشر من داخلهم...تُرى ماذا اختاروا؟ ها هم يحاولون أن يمتثلوا للشر القديم فإذ بهم لا يقدرون. هل سمعت عن إنساناً هرب من الأسر ليبحث عن الحرية، وجد نفسه عاجزاً عن السير يتخبط، حاول الرجوع لآسره فوجد السجن و قد انهار...صار حطاماً يمشى...لا يجد له ملاذاً يأويه فى الطرقات و لا يجد سجناً يحميه!!

صديقى العزيز، لن أخجل و لو أنى أود أن يشرق نهاراً جديد فأخجل مما كتبت إليك، لن أخجل أن أصارحك بأن كل الأفعال قد صارت فى قناعتى عته و بهتان، لا زلت أجد مخارج من تلك الضيقة التى نحن واقعين فيها، لكنى لا أنوى أن أصلى فالله يعلم ما أريد، أنا لا أنوى أن أصلى فمهما كانت آمالى للخلاص من هذه الشدة، فهى كلها لا ترقى لما كنت أتخيله قبل أن تأتى علينا هذه الشدة.

دعنا، حين نصلى، نطلب إلى الله و نقول: يا رب إذا كان لسه فى العالم بقية، يا تخلق منا بنى آدمين من جديد...يا تِخلص منا، عشان يبقى فيه فى المستقبل بنى آدمين

هناك تعليق واحد:

Markos يقول...

هل سمعت عن إنساناً هرب من الأسر ليبحث عن الحرية، وجد نفسه عاجزاً عن السير يتخبط، حاول الرجوع لآسره فوجد السجن و قد انهار...صار حطاماً يمشى...لا يجد له ملاذاً يأويه فى الطرقات و لا يجد سجناً يحميه!!

احببتها من كل قلبى